التأهيل ما قبل الجامعيّ والإنتاجيّة البحثيّة في التعليم العالي

Abstract

رافق البحث في أشكاله المختلفة تقدّم الإنسانية وتطورها عبر الزمن؛ فمنذ دوران الدولاب، وموقع الصفر في العمليات الحسابية، والأفاهيم التي واكبت العلوم الإنسانية والطبية، لم تتوقّف مسيرة البحث في التاريخ؛ فجاءت عفوية نتيجة الصدف، أو ممنهجة في الجامعات، أو نفعيّة وفقًا لمتطلبات سوق الاستهلاك، فضلًا عن المقاصد الحربية أو الاستخباراتية. لكن، يبقى أن نتساءل عن جديد اليوم الذي يضفي على الاهتمام بالإنتاجية البحثية بُعْدًا آخر. جديد اليوم هو في إعطاء أهمية للإنتاجية البحثية لجهة علاقتها بمواكبة التطور الحضاري؛ فكما لو أنّ كلّ بلد من البلدان، من خلال جامعاته و مراكز أبحاثه هو تحت المجهر ليجيب عن السؤال التالي: هل هو مشارك في صوغ الحضارة، وتحضير الغد؟ أم أ نه مستهلك لها، ومحكوم عليه أن يبقى أسير ما يُدفع له من معلومات غير قادر على أن يُبدع فيها؟ يعطي هذا الجديد مركزية أساسية للإنتاجية البحثية على تنوّعها؛ فيمثّل الكمّ البحثي المُنتج معيارًا أساسيًا في التطوّر المهني للأساتذة الجامعيين، وفي تصنيف الجامعات، وفي النظر إلى النظم التربوية في الدول. طبعًا، يمكن مناقشة هذه المعايير والتساؤل عن البعض منها، وعن مرجعيات النشر المعتمدة. لكن ذلك لن يفيد بحثنا اليوم، على أهمية هذه الأمور، إذ إنّنا سنركّز على العملية التأهيلية كون النظام التربوي في بلدٍ معيّن هو وحدة متراصّة. سأحاول في ما يلي أن أتأمّل علميًا بعض الأرقام ساعيًا من وجهة نظر تربوية، إلى أن أطرح بعض الرؤى التي أرجو أن تكون مفيدة.