مفهوم الخطيئة والسقوط ومكانتهما في تعليم الأب يوحنّا رومانيدس : دراسة في الأنثروبولوجيا الأرثوذكسيّة

Abstract

يُعتبرُ الأب يوحنّا رومانيدس أبرز من عالج موضوع الخطيئة الجديّة وشرحها بدقّة وذلك عبر أطروحته الشهيرة «الخطيئة الجديّة» التي لاقت قبولاً واسعًا وانتشارًا كبيرًا، إلاّ أنّها مع ذلك كانت سبب نقاشات مستمرة إلى يومنا إذ وضعت أمامنا المفهوم الآبائيّ الأرثوذكسيّ التقليديّ الذي رفضه بعض الذين تأثّروا بمفاهيم أخرى. فجاء لاهوت الأب رومانيدس مرتكزًا على اللاهوت الشفائيّ الآبائيّ عبر مراحله الثلاث «التطهّر والاستنارة والتألّه». يعالج بحثنا هذا، عبر فصوله الستةّ، مفهوم الخطيئة والسقوط عند الأب يوحنّا رومانيدس. الفصل الأوّل، أو المقدّمة، يضع أمامنا واقع البحث الحاليّ في عالمنا الأرثوذكسيّ والعالم الغربيّ، إضافةً إلى أبرز الإشكاليّات والفرضيّات التي سيُعمَل بها في هذه الرسالة والمنهجيّة المتّبعة وبعض النتائج المتوقّعة. الفصل الثاني، يناقش واقعنا الأرثوذكسيّ المعاصر خلال القرنين الماضيين عبر أبرز اللاهوتيين الذين تكلّموا عن هذا الموضوع وعالجوه. بعضهم التقت تعاليمهم مع كتابات الأب رومانيدس، ومنهم من اختلف شيء من تعاليمهم عن طروحاته. الفصل الثالث، يتناول بإسهاب إسهام الأب رومانيدس عبر شرح رؤيته للأنروبولوجيا الكتابيّة وإضاءاته على مفهوم النفس والجسد، والمقارنة بين آدم القديم وآدم الجديد في الحديث عن الصورة والمثال، ومعالجة موضوعات الشرّ والسقوط والخطيئة الجديّة، وشرح حالة الإنسان قبل السقوط، ومفهوم الشرّ والشيطان عبر تسليط الضوء على علاقة الله بالعالم وتقييم مفهوم «وراثة الخطيئة» لدى بعض اللاهوتيين. الفصل الرابع يعرض الخلفيّة الغربيّة لمفهوم الخطيئة «الأصليّة» التي اعتَمدَت بشكل أساسيّ على اللاهوت الأوغسطينيّ، ثم شرح الآية رو 5: 12 من خلال نظريات بعض الدارسين، مختتمًا بردّ رومانيدس على بعض المسائل التي تطرق إليها الخط الفكري الأغسطيني. ثمّ ينقلنا الفصل الخامس إلى عرض لاهوت ثلاثة آباء قدّيسين، اثنين منهما قبل الانشقاق الكبير الحاصل عام 1054 وآخر بعده، مظهرًا أنّ التعليم نفسه الذي انتقل من القرون الأولى استمرّ في القرون الوسطى وصولاً إلى أيّامنا هذه. لذلك لم يأتِ الأب رومانيدس بلاهوت جديد أو بمفاهيم جديدة مبتكرة في مواضيعه اللاهوتيّة وخصوصًا في موضوع بحثنا «الخطيئة والسقوط». أمّا الفصل السادس والأخير من هذه الدراسة، فيضع أمامنا مقارنةً بين مفهومين مختلفين للخلاص أحدهما آبائيّ شفائيّ والآخر حقوقيّ. لاهوتنا الأرثوذكسيّ هو لاهوت شفائيّ بامتياز كما يعبّر الأب رومانيدس. لنصل إلى خاتمة تظهر واقع العقيدة هذه في أيّامنا ومكانة الإنسان اليوم منها. أمّا بحثنا هذا فقد وصل إلى التأكيد على مفهوم الخطيئة بأنّها ليست موروثة. الإنسان لا يرث ذنب خطيئة آدم بل نتائج خطيئته التي هي فساد الطبيعة البشريّة والموت. كما أننا فسّرنا الآية الكتابيّة الواردة في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية «من أجل ذلك كأنّما بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع» (رو 5: 12) مستندين إلى تعاليم الأب رومانيدس وبعض الآباء القدّيسين واللاهوتيين المعاصرين (في الفصل الثاني)؛ لنصل إلى فهم صحيح دقيق لموضوع الخلاص. فلاحظنا أنّ سوء فهم موضوع «الخطية الجديّة» قاد الغرب إلى إدخال تعاليم وعقائد جديدة تطوّرت مع الزمن، بينما جاء اللاهوت الأرثوذكسيّ لاهوتًا شفائيًا ارتكز على «التطهّر والاستنارة والتألّه».