الدلالات اللاهوتيَّة والأنثروبولوجيَّة لخبرة النور الإلهي في "أناشيد" القديس سمعان اللاهوتي الحديث : دراسة تحليليَّة في الفكر الآبائي

Abstract

يحتلّ القديس سمعان اللاهوتي الحديث بقداسته وكتاباته مكانة استثنائيَّة في روحانيَّة الكنيسة الأرثوذكسيَّة. هذا الأب البار الذي عاش سيرة الفضيلة المكلَّلة بالنعم الإلهيَّة، والذي اختبر معاينة النور الإلهي غير المخلوق منذ شبابه، أفاض على الكنيسة جداول مياه لا تنضب من أناشيده اللاهوتيَّة ومقالاته وتعاليمه، بالاضافة الى سيرة شريفة تعتبر مدرسة في الإيمان والمحبَّة والتواضع والصبر على الاضطهاد والنفي. القديس سمعان حالة فريدة بين الكتَّاب النسكيين من حيث أنه يكشف في كتاباته تفاصيل خبرته الميستيكيّة موضحاً من خلالها معنى دعوة الإنسان للاتحاد مع الله، حاثًّا كلَّ مسيحي مؤمن على عيش هذه الخبرة في كلّ زمان ومكان. فجاء إرثه ليفتح الباب أمام تجدّد الحركة الهدوئيَّة التي سيرتكز عليها فيما بعد منهاج كلّ من تلاه من الآباء لا سيَّما القديس غريغوريوس بالاماس في القرن الرابع عشر. يسبِّح القديس سمعان في أناشيده اللاهوتيَّة، مادّة دراستنا، الإله المثلَّث الأقانيم الذي أنعم عليه بمعاينة النور الإلهي غير المخلوق، واضعاً بين يدي قارئيه السبل الموصلة إلى تلك المعاينة التي خبرها، بدءًا بتطهير الذات من خلال التوبة وسكب الدموع على الخطيئة، مروراً بتنقية القلب وعيش حياة الفضيلة وحفظ الوصايا، ليبلغ الإنسان الاتحاد بالمسيح. هذا الاتحاد يجعل من البشر آنيةً جديدة يسكن فيها الروح القدس، ويؤهل المؤمن لأن يتعلَّم الأسرار الإلهيَّة بالروح الإلهي، وينقلها للكنيسة مبشّراً بالكلمة المتجسّد الممجَّد مع الآب والإبن. أدّى افتقار الدراسات الآبائيَّة في اللغة العربيَّة، لغة شعبنا المؤمن في كنيستنا الأنطاكيَّة العظمى إلى عدم انتشار تعليم القديس سمعان في محيطنا. من هنا جاء هذا العمل المنهجي باللغة العربيَّة عسى المؤمن يتعرَّف على أبينا البار سمعان اللاهوتي الحديث، زاداً لحياته الروحيَّة وسراجاً منيراً لدرب محبّي اللاهوت.