التجديد الديني لدى الشيخ عبد الله العلايلي والمطران غريغوار حداد : دراسة تحليلية مقارنة

Abstract

مما لا شك فيه أن الشيخ عبدالله العلايلي و المطران غريغوار حداد قد جسّدا الإصلاح و التجديد في المؤسسات الدينية في لبنان و المشرق، فمسيرة كلا الرجلين حافلة بالسعي لإخراج الدين من الأطر و القوالب الجامدة لمحاربة التحجّر وإطلاق العنان للإجتهاد. فالمتتبع لمسيرتهما يلحظ المنهج العملي لديهما في مقاربتهما و فهمهما الحقيقي لروح الدين و الذي جاء لخير الإنسانية. تطغى النزعة الإنسانية لديهما حيث اتفقا أن الإنسان يجب أن يكون أولوية و أن الديانات السماوية تتوحد في اهتمامها بالإنسان وبقيمه الحقيقية.و قد آثر كلٌ من العلايلي و حداد تقديم العقل على النقل في المنحى الفكري فلم تأسرهما المناصب و الألقاب و كانا في دأ ب دائم و جه د لا ينقطع في محاولة التغيير و إصلاح المجتمع في ما يشبه الثورة وصولاً لتحرير الفكر. إن تجديد الفكر الديني لا يمكن أن يتم إلا من خلال ثل ة من المصلحين المخلصين لديهم فهم شامل يتماشى مع الحداثة و متطلبات العصر. و إن كانت السياقات التاريخية لتجربة الإصلاح الديني قد اختلفت في الإسلام و المسيحية، بقيت عملية التجديد مستمرة و إن اعترتها الكثير من المعوقات والصعاب. خاض دعاة الإصلاح الأوائل مواجهة مع رجال الدين التقليديين في محاول ة لوضع ح د لسيطرتهم على المجتمع من خلال استغلالهم للدين و قد نتج عن سعي المصلحين للتغيير و تبنيهم لأفكا ر جريئة، حربٌ شنّها عليهم رجال الدين تباينت نتائجها بين عز ل و نف ي وصولاً إلى الإغتيال و القتل. لكن ذلك لم يثن الإصلاحيين عن عزمهم فواصلوا مسيرتهم لتحقيق غايتهم المنشودة. على خطى هؤلاء المصلحين، سار كلٌ من العلايلي و حداد، فهم يمثلون حلقةً في سلسلة الإصلاح التي لا تنتهي وسنسعى لتسليط الضوء على أعمالهما و أفكارهما التي واكبت مشوارهما الإصلاحي في الفصول التالية.